الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نزع الخافض في الدرس النحوي
قد تقدم أن الحذف خلاف الأصل، فلا يجوز إذن "ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته" (1) ولكن "العرب من شأنها- إذا عرفت مكان الكلمة، ولم تشكك أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ما حذفت- حذف ما كفى منه الظاهر من منطقها" (2)، وحينئذ لابد من داع يدعو إلى تقدير ذلك المحذوف، فلا يصح تقدير شيء ما لم تدع إليه الحاجة، فتلك الحاجة هي الداعية لذلكم التقدير.ولكل من تقدير حرف الجر، وتقدير المضاف بأقسامهما دواع خاصة تذكر في أماكنها المناسبة من البحث، غير أن ثمة داعيين عامين يصلحان أن تنضوي جميع دواعي تقدير الخافض في كنفهما، هما:1- تصحيح المعنى:يقول أبو حيان في المواضع التي يعتقد فيه حصول الحذف: "هي كل موضع يضطر فيه إلى تصحيح المعنى بتقدير محذوف" (3) وذلك لأن الكلام "إنما يصلحه ويفسده معناه" (4) فإذا كان المعنى صحيحا مستقيما في ظاهره فلا يدعى عندئذ حذف، فضلا عن أن يقدر وإن كان المعنى لا يصح ولا يستقيم إلا بتقدير محذوف، تعين تقديره، وكان داعي تقديره تصحيح المعنى.ففي تقدير حرف الجر بداعي تصحيح المعنى، يقول ابن سيده (ت: 458هـ): "اعلم أن الحروف التي يجوز حذفها على ضربين:منها: ما يحذف وهو مقدر لصحة معنى الكلام.ومنها: ما يكون زائدا لضرب من التأكيد، والكلام لا يحوج إليه فإذا حذف لم يقدر.فأما الذي يكون زائدا والمعنى لا يحوج إليه فنحو قولك: كفى بالله، والمعنى: كفى الله،... وإذا حذفنا هذا الحرف لم يختل الكلام ولم يحوج المعنى إلى تقديره.- - - - - - - - - -(1) جامع البيان: 2 /15.(2) المرجع السابق: 1 /139- 140.(3) البحر المحيط: 3 /54.(4) الخصائص: 2 /433.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 50- مجلد رقم: 1
|